أخبار عاجلةالأدب و الأدباء

الدكتور عزوز على اسماعيل وقراءة فى الحب فوق هضبة الفيسبوك لأحمد فتحى رزق

احجز مساحتك الاعلانية

قراءة في مجموعة الحب فوق هضبة الفيس بوك

د. عزوز علي إسماعيل

“الحب فوق هضبة الفيس بوك” مجموعة قصصية بها إحدى وعشرون قصة تعبر عن فكر حداثي للحياة التي نحياها الآن وهي للكاتب أحمد فتحي رزق الذي يحاول بقدر المستطاع تصوير الحياة من خلال تلك المجموعة وهذه المجموعة وعلى الرغم من الأخطاء الكثيرة والتي كان من الممكن مراجعتها قبل الطباعة، وعدم ضبط الفقرات ضبطاً يستقيم مع الفكرة، فهي تحوي عدداً لا بأس به من الأفكار التي من شأنها الارتقاء بالنفس، بدءاً من القصة الأولى التي حملت عنوان”الثراء السريع” يتناول فيها حلم آلاف البشر من المصريين والرغبة الحميمة في الثراء السريع بعيداً عن أي قيم، ذلك الشاب الذي قدم من الريف إلى القاهرة ويملأه حب الثراء بأي طريقة كانت حتى ولو كان على حساب نفسه فدخل السجن مرة وعاد إلى ما أراده مرة أخرى ليستحوذ على قطعة أرض قريبة من منطقة الآثار ويظل يبحث عن الآثار الفرعونية القديمة أملاً منه في الوصول إلى مبتغاه من الثراء السريع حتى ولوكان ذلك على حساب زوجته وأولاده، بأكثر من طريقة أراد الثراء السريع فسار وراء أحد الأصدقاء العرب في تزوير العملات الأجنبية من أجل عيشة هنية يبحث عنها في الفنادق والمنتجعات السياحية. ويحاول الكاتب من خلال البطل أن يعلم الجميع أن هذه الطريقة في الوصول إلى الثراء السريع من الأخطاء التي يقع فيها كثير من الشباب المتعطش لهذا المال خاصة في ظل ظروف لا ترحم وحالة مادية متدهورة مقصودة من الأسياد..ليتنتهي حالة هذا الشاب مع المشعوذين والدجالين شيوخ النصب والاحتيال فمات وهو يلهث وراء الثراء السريع يقول الكاتب:” وذات ليلة ودعه هذا العربي للسفر على أمل استكمال البحث من جديد اختفى عن الآنظار لمدة ثلاثة أيام ثم ودع أهل قريته وعائلته دون زوجته وأولاده وعاد للوحدة من جديد وسط أوهام الأشباح وشيوخ الدجل، هاتفه لا يرد أبداً الجميع يبحث عنه . فقد أسلمت روحه لخالقها وما زال الكل يتساءل كيف ولماذا؟”. ورغم وضوح الفكرة في هذه القصة إلا إن الكاتب يعود بنا إلى القرية في نهاية العمل بعد أن استوطن هذا الشاب القاهرة وقد يكون وراء العودة إلى الريف هو البحث عن الآثار هنا أو هناك من أجل ذلك الثراء السريع الذي أتعبه وأرهقه.

وفي القصة الثانية التي حملت عنوان ” مخنث برمودة” يتناول الحديث عن هذا الذي يسمى بالجنس الثالث وهم موجودون في معظم المجتمعات وحاول إظهار هذه القضية خاصة بعد أصبح لهؤلاء الشواذ منظمات تدافع عنهم واعتبار ذلك حرية من الحريات التي يكفلها القانون لهم. ولكن الكاتب هنا يعلل لماذا لجأ هذا المخنث إلى ذلك وهو الفقر الشديد، بل هناك قضية خطيرة وهي قضية التركيبة الفسيولوجية والتي نجد فيها شبابا يميلون كل الميل نحو الرجال بحكم قوة الغريزة الأنثوية بداخلهم، أي أن هناك أمر خارج نطاق السيطرة ناهيكم عن الفقر المدقع الذي يودي بحياة الإنسان فكل من عاش بجوار هذا الفنى الشاذ لاحظ عليه أنه يميل نحو الرجال ويتمناهم وهو ما حدث مع كل من كان يتعامل معه في الثانوية العامة وفي الجامعة حتى حين سافر إلى إحدى الدول التي تشتهر باللواط فيها لم يستطع أن يمتلك زمام نفسه لدرجة أنه أصبح مقهوراً ليبحث عن السبب في ذلك فيجده الفقر الذي قهر كثيراً من الرجال وحاول الزواج من فتاة كي يثبت أنه رجل وأنه قادر على معاشرة النساء ولكنه لم يفلح في الإنجاب فطلقت منه بعد أن علم والده بخيانتها له وهو نفسه كان يعلم ذلك ولكنه لم يستطع فعل شيء. ونجد قصة “مفتي الجوار” والتي يبرز فيها دور الدخلاء على الدين أو المتأسلمين الذين يدعون أنهم على حق والآخرون على خطأ فيتسبب هذا المفتي وما أكثر المفتين في بلادنا ، يتسبب في إقالة أحد الشباب الواعدين الذين هم موجودون في كل زمان ومكان وأيضاً هذا المفتي الذي يدعي الصلاح وهو منه براء، حاول كثيراً هذا الشاب أن يلتقط أنفاسه وأن يجد له مكاناً آخر غير هذا المكان لكن الجميع كانوا له بالمرصاد. هنا يؤكد الكاتب رغم ضألة اللغة التي أنصح الجميع باتقانها يؤكد على فكرة مهمة جداً وهي هناك أعداء دائماً لمن هم من الناجحين فهذا الشاب استطاع أن ينفذ مشروعات مهمة جداً في عالم الحاسب الآلي أو الكمبيوتر ولكن لم يجد من يأخذ بيده إلى الصعود والمراكز المرموقة وأعتقد أن هذا الشاب لو كان بإمكانه ترك البلاد والذهاب إلى بلاد تقدر العلم لوجد فرصة أفضل مما كان فيه لأنه قد ظلم من رؤسائه الذين لا يعبأون بمثله وظلم أيضاً من المفتي الذي كان له بالمرصاد وكيف أن التدخين حرام شرعاً وكل هذه الأمور. نعم التدخين يضر بالصحة ولكن لا نجعل من أنفسنا أوصياء على الغير فهناك قانون يجاسب وهناك أماكن خاصة للتدخين وكان من المفترض أن يشير كاتبنا إلى هذه الجزئية ولكن كان همه الأكبر إظهار أن هناك من يحقد على الناجحين مثل هؤلاء الموجودين في كل زمان ومكان.

وفي قصص متالية التي تعتبر من النقد الاجتماعي للحياة نجد قصة “انحراف أنثى” من القصص التي يمكن أن تسمع عنها في حياتك، ولكن كون أنها من القصص التي تخدش الحياء فيبتعد عن ذكرها الناس خاصة وأن كل إنسان يخشى على نفسه وبيته ما يمكن أن يسمعه، فهذه فتاة لعوب تعيش مع هذا وهذا وحين تزوجت من عمر كان على علم أنها تقابل فلان وفلان خاصة وأنها كانت تعمل في أحد الفنادق المشهورة، وحين حملت زاد شكه بأن ما في بطنها ليس منه وأراد عمل التحاليل اللازمة ولكنها تركته وهربت كون أنها تعلم أن ما في بطنها ليس منه وتركت له رسالة تؤكد ذلك وأن ما في بطنها من صديقه ممدوح الذي كان يقوم بالواجب في غيابه حين نقلوه إلى الاسماعيلية، والقصة وإن كانت من القصص التي تعتبر ناقدة للحياة وأن هناك ما يعكر صفو الحياة بسبب عدم التربية الصحيحة والانحراف الذي قد يطال أي أنثى فهي قصة معبرة عن واقع معيش وفي الوقت نفسه مرير . ونجد كذلك في قصة ” الحب فوق هضبة الفيس بوك” والتي عنون بها الكاتب هذه المجموعة نجدها أيضاً من القصص التي تنقد الحداثة أو تنتقد التطور وكيف أن التكنولوجيا الحالية قد تكون نقمة وليست نعمة إذا لم نحسن استخدامها، فهذه فتاة مطلقة لديها ثلاثون عاما وهذا شاب لم يجرب الحياة بعد أن مرت السنون دون أن يشعر فتعرفا على بعضهما البعض وبدأت قصة حب بينهماوكان الفيس بوك هو الذي وفق رأسين في الحلال ولكن القصة القصيرة كانت تحتاج إلى إثارة أكثر من ذلك ومعظم قصص المجموعة فيها وضوح ومن الطبيعي أن تتسم القصة القصيرة بنوع من الإثارة والغموض حتى يُستثار المتلقي..ولا بد أن نعرف أن القصة القصيرة هي شحنة أدبية مكثفة يفرغ فيها الكاتب فكرة بعينها يريد إيصالها إلى الناس بطريقة أدبية رهيفة مع عدد قليل من الشخصيات، بحيث تصبح رصاصة تصيب الهدف أسرع من الرواية، كما قال يوسف إدريس، وهو ما لمسناه في عدد من المجموعات القصصية من قبل مثل ” الموتى أيضاً يحلمون” للكاتب أحمد الهواري، و” عيون بيضاء ” للكاتب محمد عطية و” دفتر النائم” للكاتب شريف صالح، و” قبل أن تحترق للكاتبة سماء سالم و”عصافير الروح” للكاتب سمير فوزي وغيرها من المجموعات القصصية الرائعة التي عبرت بصدق عن الواقع المعيش في المجتمع.. وفي قصة ” مداعبات شطانية حاول الكاتب أن يبني الحدث بطريقة ماكرة وبناء الحدث في القصة القصيرة غير صياغة الحدث وهناك طرق عديدة في صياغة الحدث منها طريقة السرد المباشر وفي هذه الحالة يقدم الكاتب الأحداث في صيغة ضمير الغائب, وتتيح هذه الطريقة الحرية للكاتب, لكي يحلل شخصيات قصصه ويسبح عبر عالمها منطلقاً من رؤيته, وأفعالها

احمد فتحي رزق

المشرف العام

Related Articles

Back to top button